فصل: سورة الفتح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (32):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)}
{أَعْمَالَهُمْ}
(32)- إنَّ الذِينَ كَفَرُوا باللهِ، وَارتَدُّوا عَنِ الإِسْلام وَخَالَفُوا الرَّسُولَ، وَوَقَفُوا في وَجْهِ الحَقِّ أنْ يَبْلغَ النَّاسَ، وَصَدُّوا النَّاسَ عنِ الدُّخُولِ في الإِسْلامِ بالقُّوَّةِ وبِالمَالِ وَبالخِدَاعِ، وَشَاقُّوا الرَّسُولَ بِمُحَارَبتِهِ في حَيَاتِهِ، وَبِمُحَارَبةِ دِينِهِ أَوْ شَرِيعَتِهِ بَعْدَ مَماتِهِ.
إنَّ الذِينَ يُقْدِمُونَ عَلَى شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ، بَعْدَ أنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ هُوَ الحَقُّ، فَإنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيئاً، لأنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، وَنَاصِرُ رَسُولِهِ وَمُظْهِرُ دِينِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّه، وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ، وَسَيُحْبِطُ اللهُ أعْمَالَهَم، فَتَنْتَهِي إلى الخَيْبَةِ والدَّمَارِ.

.تفسير الآية رقم (33):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)}
{ياأيها} {آمنوا} {أَعْمَالَكُمْ}
(33)- يَأمُرُ اللهُ تَعَالى المُؤْمِنينَ بإطِاعَةِ اللهِ، وَإطَاعَةِ رَسُولِهِ فِيما يأمُرانِهِمْ بِهِ، وَفيما يَنْهَيانِهِمْ عَنْهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ إبْطَالِ أَعْمَالِهِم الحَسَنةِ، بارِتكَابِ المَعَاصِي، وَفِعْلِ الكَبَائِرِ والنِّفَاقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأعْمَالِ التي تُبْطِلُ الحَسَناتِ وَتُذْهِبُها.

.تفسير الآية رقم (34):

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)}
(34)- إن الذِينَ كَفَرُوا باللهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَصَدُّوا النَّاسَ عن الدُّخُولِ في الإِسْلامِ، ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كَفّارٌ، فإنَّ اللهَ لَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ، وَلَنْ يَعْفُوَ عَنْ سَيِّئَاتِهِم، لأنَّ بَابَ التَّوبَةِ يَظَلُّ مَفْتَوحاً لِلكَافِرِ وَالعَاصِي حَتَّى تَبْلُغَ رُوحُهُ الحُلْقُومَ، فَإِذا بَلَغَتْهُ فَلا تَوْبَةَ وَلا مَغْفِرَةَ.

.تفسير الآية رقم (35):

{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)}
{أَعْمَالَكُمْ}
(35)- فَلا تَضْعُفُوا يَا أَيُّها المُؤْمِنُونَ عَنِ الجِهَادِ، وَقِتَالِ الكُفَّارِ وَالمُشْرِكِينَ، وَلا تَدْعُوا إلى المُهَادَنةِ وَالمُسَالَمةِ وَوَضْعِ القِتَالِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، وأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ الغَالِبُونَ بِقُوَّةِ الإِيمَانِ، وَاللهُ مَعَكُمْ يَنْصُرُكُمْ عَلَيهِم، وَلا يَظْلِمُكُمْ شَيْئاً مِنْ ثوابِ أعْمَالِكُمْ.
فَلا تَهْنُوا- فَلا تَضْعُفُوا عَنْ مُقَاتَلَةِ الكُفَّارِ.
السَّلْمِ- الصُّلْحِ وَالمُوَادَعَةِ وَتَرْكِ القِتَالِ.
يَتَرَكُم أعْمَالَكُم- يُنْقِصَكُم أجُورَهَا.

.تفسير الآية رقم (36):

{إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)}
{الحياة} {يَسْأَلْكُمْ} {أَمْوَالَكُمْ}
(36)- يَحُضُّ اللهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى الجِهَادِ، وَعَلَى بَذْلِ الأَرْوَاحِ وَالأمْوَالِ في سَبِيلِ اللهِ، وَفي سَبِيلِ نَصْرِ دِينِهِ. وَيُصَغِّرُ لهُمْ شَأنَ الدُّنيا، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ الحَيَاةَ الدُّنيا لهوٌ وَلعبٌ لا يَلْبَثُ أنْ يَضْمَحِلَّ حِينَ لا يكُونَ وَرَاءَها غايَةٌ أكْرَمُ وأبقَى، فَلا يَنْبَغي لِعَاقِلٍ أنْ تَصْرِفَهُ لَذَائِذُ هذِهِ الحِيَاةِ الفَانِيةِ عَنِ العَمَلِ فيما يُرْضي اللهَ تَعالى، وَيُوصِلُهُ إِلى الفَوزِ بنعيمِ الآخرِةِ. وإنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وبِكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَتَتَّقُوهُ حَقَّ تُقَاتِهِ فَتَقُومُوا بما أمَركُم بِهِ، وَتَنْتَهُوا عَمَّا نَهاكُمْ عَنْهُ فإنَّهُ يُثِيبُكُمْ عَلَى أعمالِكُم، وَلا يبخسُكمْ مِنْها شيئاً.
وإذا كَانَ اللهُ تَعَالى قَدْ أمَرَكُم بإخْرَاجِ الزَّكَاةِ، وبالإِنفَاقِ في وُجُوهِ الطَّاعَاتِ فَما ذَلِكَ إلاّ لِمُواسَاةِ إخوانِكم الفُقَرَاءِ، وَهُوَ تَعالى غَنيٌّ عَنْكُم وعَنْ أمْوالِكم، ثُمّ إنَّهُ لا يَأمُرُكُم بإنِفاقِ أموالِكم جَميعِها، وَإنما يأمْرِكُم بِإِخْراجِ القَليلِ منها، وَهُو تَعَالى لا يُريدُ أن يشُقَّ عَلَى العِبادِ في فَرَائِضِهِ وَتَكاليفهِ لأنَّهُ يَعْلَمُ مَا فُطِرَت عَليهِ النُّفُوسُ مِنْ شُحٍ وَحِرْصٍ.

.تفسير الآية رقم (37):

{إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)}
{يَسْأَلْكُمُوهَا} {أَضْغَانَكُمْ}
(37)- فَإنَهُ تَعالى إذا أمرَ المُؤْمِنينَ بإخراجِ أمْوالِهم كُلِّها، وَألَحَّ عَلَيْهِمْ في طَلَبِ ذَلِكَ مِنْهُمُ فَإِنَّهُ يحْرِجُهُمْ بِذَلِكَ، وَيُظْهِرُ شُحَّ نُفُوسِهِمْ، وَتَعَلًّقَهُمُ الشَّديدَ بالمالِ، فَتَخْرُجُ أحْقَادُهُمْ.
يُحْفِكُمْ- يُجْهِدْكُمْ في طَلَبِها.
وَيُقَالُ أحفَاهُ بالمسْألَةِ إذا أكثْرَ الإِلْحَاحَ فيها.
أضْغَانَكُمْ- أحْقَادَكُمْ عَلى الإِسْلامِ.

.تفسير الآية رقم (38):

{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)}
{هَا أَنتُمْ} {أَمْثَالَكُم}
(38)- إنَّكُمْ يَا أيُّها المُسْلِمُونَ تُدعونَ إلى الإِنْفَاقِ في سَبِيلِ اللهِ، وَفي سَبيلِ مُجَاهَدَةِ أعْدَائِهِ، وَفي سَبِيلِ نَصْرِ دِينِهِ. وَمَنَ المُؤمِنينَ مَنْ يَبْخلُ بالإِنْفَاقِ في هذا السَّبِيلِ، وَمَنْ يَبْخلْ فَإِنَّما يضُرُّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، لأنَّهُ يحرمُها ثَوابَ اللهِ، وَيَحْرِمُها مِنْ رِضْوَانِ اللهِ، وَاللهُ غَنِيٌّ عَنِ العِبَادِ، وَعَنْ أمْوالِهِم وَعَنْ جَهَادِهِمْ، وَهُمُ الفُقَراءُ إلى فَضْلِهِ وإحْسَانِهِ، وَإنما حَثَّهُمْ عَلَى الجِهادِ وَالبَذْلِ لِيَنَالوا الأجْرَ وَالمثَوْبةَ.
ثُمَّ يَقُولُ تَعَالى لَهُم: إنَّهُم إنْ كَانُوا يَتَوَلَّوْنَ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِمْ، وَعَنِ اتِّبَاعِ شَرْعِهِ فإنه قادِرٌ عَلى إهْلاكِهِمْ، وَعَلى الإِتْيَانِ بقَومٍ آخرِينَ يُؤمِنُونَ باللهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لأوامِرِهِ، وَيَعْمَلُونَ بشَرائِعِهِ، وَلا يَكُونُونَ أمْثَالَ مَنْ أهْلَكَهُمْ في البَخْلِ وَالتَّبَاطُؤِ عَنِ الجِهَادِ.

.سورة الفتح:

.تفسير الآية رقم (1):

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}
(1)- نَزَلَتْ هذِهِ السُّورَةُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في طَريقِهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ إِلى المَدِينَةِ، بَعْدَ أَنْ أَبْرَمَ مَعَ قُرَيشٍ وَثِيقَةَ الصُّلْحِ المَعْرُوفِ بِصُلْحِ الحُدَيْبِيةِ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: (إنَّكُم تَعُدُّون الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَنَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ صُلْحَ الحُدَيْبِيَةِ).
وَفِي هذهِ السُّورَةِ يَقُولُ اللهُ تَعَالى لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّهُ فَتَحَ لَهُ فَتْحاً ظَاهِراً مُبِيناً بِعَقْدِ الصُّلحِ في الحُدَيْبِيَةِ مَعَ قُرَيشٍ، إِذْ أمِنَ النَّاسُ، وَاجْتَمَعَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضِ، وَتَكَلَّمَ المُؤْمِنُ مَعَ الكَافِرِ، وَتَسَابَقَ العَرَبُ إلى الدُّخُولِ في دِينِ اللهِ أَفْواجاً، حَتَّى إِذا كَانَ بَعْدَ عَامَينِ سَارَ رَسُولُ اللهِ لِفَتْحِ مَكَّةَ في عَشَرَةِ آلافِ مُقَاتِلٍ، أكْثَرُهُمْ دَخَلَ الإِسْلامَ بَعْدَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ.

.تفسير الآية رقم (2):

{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)}
{صِرَاطاً}
(2)- لِيَغْفِرَ اللهُ لَكَ جَمِيعَ مَا صَدَرَ عَنْكَ مِنَ الذُّنوبِ وَالهَفَوَاتِ، قَبْلَ الرِّسَالةِ وَبَعْدَها، وَيُتِمَّ رَبُّكَ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ بِإِعْلاءِ شَأْنِكَ وَشَأْنِ الإِسْلامِ، وانتِشَارِهِ في البُلْدَانِ، وَرَفْعِ ذِكْرِكَ في الدُّنيا وَالآخِرَةِ، وَيُرْشِدَكَ رَبُّكَ طَرِيقاً مِنَ الدِّينِ لا اعْوِجَاجَ فِيهِ، بِما يَشْرَعُهُ لَكَ مِنَ الشَّرْعِ، وَالدِّينِ القَوِيمِ.

.تفسير الآية رقم (3):

{وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)}
(3)- وَيْنَصُرُكَ اللهُ عَلَى مَنْ عَادَاكَ نَصْراً ذَا عِزَّةٍ.

.تفسير الآية رقم (4):

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)}
{إِيمَاناً} {إِيمَانِهِمْ} {السماوات}
(4)- كَانَ مِنْ شُرُوطِ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ شَرْطَانِ تَرَكَا أَثَراً فِي نُفُوسِ المُؤْمِنِينَ:
1- أَنْ لا يَدْخُلَ المُسْلِمُونَ مَكَّةَ عَامَهُمْ ذَاكَ، وَأَنْ يَأتُوا مُعْترينَ فِي العَامِ، الذِي يَلِيهِ.
2- أنْ يَرُدَّ المُسْلِمُونَ مَنْ جَاءَهُمْ مِنْ قُرَيشٍ مُسْلِماً إِلى قَوْمهِم، وَأَنْ لا تَرُدَّ قُرَيشٌ مَنْ جَاءَها مِنَ المُسْلِمِينَ مُرْتَداً عَنِ الإِسْلامِ.
وَظَنَّ بَعْضُ المُسْلِمِين أَنَّ في هذينِ الشَّرْطِينِ غبْناً لِلمُسْلِمِينَ، حَتّى إِن رَسُولَ اللهِ لَمَّا أَمرَ المُسْلِمِينَ بِنَحْرِ الهَدْيِ، وَبِحَلقِ شُعُورِهِمْ، لَمْ يَمْتَثِلوا لأَمْرِهِ في بَادئِ الأَمرِ، فَقَدْ ثَارَتْ في نُفُوسِهِمِ الحَمِيَّةُ للإِسْلامِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ لِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهم، وَلِيَزْدَادُوا يَقِينا في دِينِهمْ بِطَاعَةِ اللهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَاللهُ تَعَالى هُوَ الذِي يُدَبِّرُ أمرَ الكَوْنِ، فَيَجْعَلُ جَمَاعةً مِنْ جُنْدِهِ يُقَاتِلُون لإِعْلاءِ كَلِمَةِ الحَقِّ، وَيَجْعَلُ غَيْرَهم يُقَاتِلُونَ في سَبيلِ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَرْسَلَ عَلَيْهِم جُنْداً مِنَ السَّماء يَقْضُونَ عَلَيهم، لكِنَّهُ سُبْحَانَه وَتَعَالى شَرَعَ الجِهَادَ والقِتَالَ لما في ذلِكَ مِنَ المَصْلَحَةِ التِي لا يَعْلَمُها إِلا هُوَ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِالأُمُورِ، حَكِيمٌ في شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ.
السَّكِينَةَ- السُّكُونَ وَالطُّمَأْنِينَةَ.

.تفسير الآية رقم (5):

{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)}
{المؤمنات} {جَنَّاتٍ} {الأنهار} {خَالِدِينَ}
(5)- وَإِنما قَدَّرَ اللهُ تَعَالى ذَلِكَ لِيَعْرِفَ المُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ نِعْمَةَ اللهِ، وَيَشْكُرُوهَا فَيَدْخُلُوا الجَنَّةَ لِيَبْقَوْا فِيها خَالِدِينَ أَبداً، وَلِيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ بِأَعْمَالِهم الصَّالِحةِ، وفي ذلِكَ ظَفَرٌ لَهُم بِما يَرْجُونَ، وَمَا يَسْعَوْنَ إِليهِ، وَهذا الظَّفَرُ بِالبْغِيةِ، وَدُخُولُ الجَنَّةِ، هُوَ الفَوزُ العَظيمُ.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)}
{المنافقين} {المنافقات} {المشركات} {دَآئِرَةُ}
(6)- وَلِيُعَذِّبَ اللهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ، وَالمُشْرِكِينَ بِرَبِّهمِ وَالمُشْرِكَاتِ، في الدُّنيا بالقَهْرِ والغَلَبةِ، وَبِتَسْلِيطِ النَّبِيِّ وَالمُسْلِمِينَ عَلَيهِمْ، وفي الآخِرَةِ بِالعَذَابِ الأَليمِ في نَارِ جَهَنَّمَ، وَقَدْ كَانَ هؤلاءِ المُنَافِقُونَ وَالمُشْرِكُونَ يَظُنُّونَ أَنَّ اللهَ لَنْ يَنْصُرَ الرَّسُولَ وَالمُؤْمِنينَ عَلَى الكَافِرينَ، وَكَانُوا يَتَرَبَّصُونَ بِهِمِ الدَّوائِر وَقَدْ دَعَا اللهُ سُبْحَانَهُ عَلَى هؤُلاءِ بِأَنْ تَدُورَ عَلَيهِمْ أَحْدَاثُ الزَّمَنِ بِالسَّوْءِ، وأَنْ تَنْزِلَ بِهِمِ النَّكَبَاتُ وَالمَصَائِبُ، ثُمَّ لَعَنَهم اللهُ وَغَضِبَ عَلَيهِمْ، وَأَنْذَرَهُم بِأَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أليماً في نَارِ جَهَنَّمَ، وَسَاءَتْ جَهَنَّمُ مَصِيراً يَصِيرُ إِليهِ المُنَافِقُونَ وَالمُشْرِكُونَ.
ظَنَّ السَّوْءِ- ظَنَّ الأَمْرِ الفَاسِدِ المَذْمُومِ.
عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ- دُعَاءٌ عَلَيهِمْ بِالهَلاكِ وَالدِّمَارِ.

.تفسير الآية رقم (7):

{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)}
{السماوات}
(7)- يٌؤكِّدُ اللهُ تَعَالى قُدْرَتَهُ عَلَى الانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَأَعْدَاءِ رَسُولِهُ، المُنَافِقِينَ وَالمُشْرِكِين، فَقَالَ تَعَالى: إِنَّهُ يَمْلِكُ جُنُودَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ مِنَ المَلائِكَةِ والإِنْسِ، والجَنِّ، والصَّيْحَةِ، وَالرَّجْفَةِ، والزَّلازِلِ والفَيَضَانَاتِ، والرِّيحِ العَقِيمِ.. فإِذا شَاءَ أَنْ يُهلِكَ أَعْدَاءَهُ سَلَّطَ بَعْضَ هؤْلاءِ الجُنُودِ عَلَيهِم فَأهْلَكَهُمْ وَاللهُ غَالِبٌ لا يُرَدُّ بَأسُهُ، حَكِيمٌ في شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ.